بووي نبيًا: بين التهاوي والتفرُّد

بلاكستار

“تمهل عند بوابات أورمن/ حيث تقف شمعة واحدة في المنتصف / عيناك”
في رمزية للموت البطيء، وكتقليدٍ مسيحي، توقد شمعة واحدة لمن أوشك على الرحيل. تنتقل المقطوعة من إيقاعاتي التهديد إلى مراسم تتويج بووي صعودًا إلى السماء، مع عودة سريعة للأرض، حيث تنتقل النبوة/الراية إلى أحد الأتباع “حلَّ شخصٌ آخر مكانه، بشجاعةٍ أعلن باكيًا: أنا النجم الأسود! أنا النجم الأسود!”.

لازاروس

المشهد الأول
*الكاميرا تصعد لأعلى، يتسع الكادر* بووي (الدوق النحيف الأبيض) محتضرًا في سريره، تمامًا في منتصف الغرفة.

المشهد الثاني
بووي (الدوق النحيف الأبيض) على مكتبه، مفزوعًا بفعل تسارع الزمن خلفه، يكتب أوراقه، مانيفستو الوداع. هنا تتماثل مشاهد الفيديو الخاص بلازاروس، مع الوصف المرسوم عبر كلمات المقاطع الأولى من كلمات قطعة بلاكستار.

كيلينغ آ ليتل تايم

“تلك السمفونية / وذلك الغضب الكامن داخلي (…) أنا أتهاوى / أنا أختنق / أنا أتلاشى / أنا خط متقطع”

بينما يوثق بلاكستار تصالح بووي مع الموت وتخطيه باعتباره مرحلة انتقالية نحو الآتِ، يُظهر إصدار نو پلان، الذي اُطلق في ذكرى رحيله الأولى، ذلك الصراع الخفي، بين وعي بووي بموته الوشيك ومجده الأبدي، نسمعه يصرخ، يلعن حتمية المصير، يخرج عن تساميه وشخوصه ليتجسد في بووي، وحده، أمام المجهول.

شهد بووي عدة ميتات معنوية خلال مساره الفني، ظل عبرها قادرًا على إعادة التجسد والبعث، واستمر في تمثيل معاركه الشخصية/ الداخلية على هيئة شخصيات روائية ذات أبعاد مركبة تزداد عمقًا على مدار عقود من التطور. لكن يظل ما يمثله الإصدار الأخير هو الظهور الأكثر صرامة وقسوة لبووي، بما فيه من تعري ومجابهة لمعطيات مباشرة “الموت” بدون التمثل في شخصياته الروائية.

أي أنك ترى بووي نفسه، يتحدث بشكلٍ فج، عبر صوته الداخلي، يسرد موته، عبر موت خلقه الأهم، ماجور توم، حينما ظهر في فيديو بلاكستار هيكلًا عظميًا في بزته.

اقرأ أيضًا: بووي، حيث لم يكن متجسِّدًا